تقول طرفة كلاسيكية، على سبيل توضيح الحس العام للمجتمعات: «في الاتحاد السوفياتي (سابقاً)، كل شيء ممنوع بما في ذلك ما هو مسموح، وفي المانيا كل شيء ممنوع باستثناء ما هو مسموح، وفي فرنسا كل شيء مسموح باستثناء ما هو ممنوع... اما في لبنان فإن كل شيء مسموح وخاصة ما هو ممنوع». من منطلق هذا المسموح والممنوع، تعاطى مؤتمر باريس ــ 2 مع الخصوصية اللبنانية فجرى السماح للبنان بالقفز فوق وصفات صندوق النقد الدولي او باستثنائه منها اي عدم تطبيق قاعدة العولمة الاولى القاضية بترك آليات السوق النقدية تعمل عملها. ولو طبّق ذلك على لبنان لجرى تخفيض سعر العملة اللبنانية، على غرار ما حصل قبل عام في الارجنتين وتركيا. لكن فرنسا شيراك (او شيراك فرنسا) استثنت هذا الوطن الاستثنائي، بفضل رئيس وزرائه «الاستثنائي» ايضاً من آخر العلاج اي «الكي» وفق تلك الوصفة الخاصة بالدول المفلسة. وثمة سؤالان، الاول افتراضي: ماذا لو فشل باريس ــ 2 وما هي انعكاسات هذا الفشل سياسياً؟ والثاني واقعي، هل ثمة من متضررين من نجاح المؤتمر؟ الاوساط السياسية في العاصمة بيروت تحدثت ان التغيير الحكومي ــ في حال فشل المؤتمر ــ كان حتمياً وكان هدفه اما التخلص من رفيق الحريري كرئيس للحكومة واما الاتيان بحكومة تكنوقراط مدارة او ممسوكة امنياً واذ تبدد هذا الخيار نتيجة نجاح باريس ــ 2 فإن السؤال الثاني «الواقعي» يصبح اكثر الحاحاً، فهل من متضررين من هذا النجاح وهل استكانوا وهل سيتمكّن الرئيس الحريري من التحرّر من الابتزاز السياسي؟ 29/11/2002 |
.